تسجيل الدخول

تسجيل الدخول إلى حسابك

اسم المستخدم *
كلمة السر *
حفظ البيانات

الذكرى الأربعينية لوفاة المشمول برحمة الله الأستاذ محمد مساعد

بحلول الذكرى الأربعينية لوفاة المرحوم الأستاذ الدكتور محمد مساعد، نظمت المدرسة العليا للأساتذة لقاء تأبينيا يوم الجمعة 9 دجنبر 2016 وذلك بحضور أساتذة وإداريي وطلبة المدرسة العليا للأساتذة بمكناس وأساتذة من جامعة مولاي إسماعيل ومن خارجها.

بحلول الذكرى الأربعينية لوفاة المرحوم الأستاذ الدكتور محمد مساعد، نظمت المدرسة العليا للأساتذة لقاء تأبينيا يوم الجمعة 9 دجنبر 2016 وذلك بحضور أساتذة وإداريي وطلبة المدرسة العليا للأساتذة بمكناس وأساتذة من جامعة مولاي إسماعيل ومن خارجها. كما حضرت هذا اللقاء أرملة الفقيد وأنجاله وعدد من أفراد عائلته وبعض أصدقائه. وبعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم ترحما على الفقيد العزيز، ألقى الأستاذ محمد ياسين مدير المدرسة العليا للأساتذة الكلمة التالية:

" بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

الأستاذة الفاضلة زوجة المشمول برحمة الله الأستاذ محمد مساعد

أبناء المرحوم وأفراد أسرته الصغيرة

السيدات والسادة الحضور كل واحد باسمه وصفته

بناتي وأبنائي الطالبات والطلبة

نجتمع اليوم في هذا اللقاء التأبيني بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة أخينا وزميلنا الأستاذ الدكتور محمد مساعد رحمة الله عليه. لقد كانت وفاته بالنسبة لنا فاجعة كبرى ومصابا جللا لم ينفع معهما إلا إيماننا بقضاء الله وقدره وصبرنا القوي على تحمل الوقائع والأحداث التي لا مفر لنا منها. كم كنا نتمنى أن يكون هذا اللقاء منتدى يحضره فقيدنا للتداول في قضية فلسفية من القضايا التي كان الفقيد شغوفا بالبحث فيها والإسهام في مناقشتها، أو لمدارسة مشكلة تربوية من قبيل ماكان سي محمد يدلي فيه برأي حكيم وقول سديد ومفيد في تطوير الدرس الفلسفي وجعل المعرفة منارة يستضاء بها في تقويم الحياة وإغناء قيم التكوين والتعلم والبحث التي هي نبراس الاستمرار والتقدم. ولكن، شاءت الأقدار أن يرحل عنا أخونا في عز عطائه العلمي وفي زمن نحن في حاجة إلى وجوده لكي تتعزز بفضل ذلك الجهود العلمية الموجهة إلى تفكيك القضايا والموضوعات الفكرية والفلسفية والثقافية التي نعتبرها معبرا لإثراء البحث العلمي والجامعي منه خاصة، وترسيخ أسس مجتمع العلم والمعرفة الذي تحتاجه بلادنا في الحاضر والمستقبل.

لقد كان المرحوم الأستاذ محمد مساعد صاحب مشروع فكري بامتياز، كيف لا وهو الذي قرأ بدقة أسرار العلاقة الفلسفية بين المشرق والمغرب انطلاقا من قدرته على تفكيك السجال الفلسفي بين ابن رشد مع فلسفة الغزالي، كيف لا وهو الذي نفذ بقوة ودراية إلى أعمال النصوص الرشدية، فبرهن من خلالها على صورة المتمكن من مفاهيمها المؤسسة وأبعادها الأنطولوجية وخاصياتها المعرفية والحضارية ومتانتها القيمية والتربوية، بل إن فقيدنا العزيز من ثلة الباحثين الذين جعلوا القراء والفاحصين والطلاب يجدون في النص الرشدي راهنيته في تقريظ العقل وتأهيل الدربة العلمية لتكون قابلة للرأي المخالف وحاضنة له متى كان مبنيا على مقومات السداد الذي لا يفسد للمودة والوصال الإنسانيين قضية. هذا إلى حد اعتراف العديد من الباحثين في مختلف الأمصار بفضله الكبير على التراث الفلسفي الإسلامي في المغرب وفي العصر الوسيط بصفة عامة. ومما لا يعرفه الكثير منا أن سي محمد رحمه الله كان موسوعي المعرفة والتفكير وإنسانا متواضعا يعتبر نفسه متعلما باستمرار. فقد كان ممتلكا لثقافة فلسفية تمكنه من إبداء القول وإغناء التحليل في الفلسفة اليونانية وفي الفلسفة الحديثة والمعاصرة، بل إنه بادر في مواسم جامعية متعددة إلى تدريس مواد ووحدات تنتمي إلى هذه الفلسفات بالمدرسة العليا للأساتذة، علاوة على غيرته القوية على إنضاج الشروط البيداغوجية التي تجعل طلاب الجامعة المغربية بوجه يتعلمون الفلسفة عن وعي ويمتلكون منها ما يحفزهم على التفكير والممارسة النقدية ويؤهلهم لبت روح الفلسفة في المجتمع. إن سمة المربي في شخصية فقيدنا العزيز قد سمت به إلى مدارج نحت أقوال تربوية سليمة بحثا ودرسا، فتراه يمنحك رأيا حكيما في معنى المدرس والأستاذ وفي شروط وأبعاد تدريس الفلسفة وفي الصيغ الناجعة والمثلى للتعلم النافع والمتواصل، كل ذلك في هدوء قل نظيرة وسلاسة عز شأنها وبراعة لا ينفذ إليها شك ولا يبطلها لغو.

لقد ساهم فقيدنا العزيز منذ التحاقه بهذه المؤسسة في كل المهام والمحطات والأوراش التربوية التي استلزمها تمتين الدرس الفلسفي واقتضتها مسؤولية تعزيز شعبة الفلسفة وتطوير المدرسة العليا للأساتذة كمؤسسة للتكوين أولا ومؤسسة جامعية بعد ذلك، فهو المساهم بجدارة في مراجعة وتقوية برنامج تكوين أساتذة التعليم الثانوي في الفلسفة، وهو المشارك القوي في صياغة وإنجاز مقرر التبريز في الفلسفة، وهو الحاضر في بناء مسالك التكوين الجامعية في الإجازة المهنية والماستر والمساهم في تأطير العديد من الوحدات داخل شعبة الفلسفة وخارجها. ولن أبالغ إذا إن في كل جهة من جهات المغرب اليوم طلبة تلقوا العلم على يده ويواصلون الرسالة التربوية والقيم الفكرية التي أمدهم بها قيد حياته، بل إن أغلبهم تقاسم معنا فاجعة فقدانه.

لقد كانت تجمعني بأخي العزيز سي محمد مساعد صداقة عميقة ومحبة خالصة، ولطالما كنت في حاجة إلى الإنصات إليه والاسترشاد بنصه في المعرفة والتربية كلما التبس علي أمر أو اقتضت مسؤولية تحصين القول من كل خفة أو نقص. حتى وأنني في مهمتي الإدارية والتدبيرية، كان سي محمد يأتي لزيارتي عندما يشعر بالحاجة إلى رؤيتي، فيكون اللقاء فرصة للتداول في المعرفة والحياة ولحظة لتقاسم الهموم التي نستشعر في استحضارها ضرورة السعي والدأب مادمنا لا نحيا لأنفسنا ولذواتنا بل نعيش من أجل الآخرين. وكان أهم نصح يقدمه لي باستمرار هو الإقدام على نشر ما ينجز وما يكتب حتى لا يتعرض ذلك لغدر الزمان وشماتة الأقدار مهما كان مصدرها.

هذا هو أخونا وزميلنا الأستاذ سي محمد مساعد، صاحب مشروع رصين في البحث الفلسفي، وهذا نزر يسير من حياته وسيرته. عزاؤنا فيه أنه ترك ذكرا حسنا طيبا وعلما عميقا نافعا وطلبة يعزونه ويسيرون على منواله وذرية صالحة سيكون لها الفضل على البلاد والعباد. وبهذه المناسبة وإقرارا بسنة الاعتراف وتأكيدا على الحضور الدائم لأخينا بين ظهرانينا، قررنا في المدرسة العليا للأساتذة وفي شعبة الفلسفة، طبع ونشر كتابه:المستدرك على المتن الرشدي.

رحمك الله ياأخي سي محمد وتعازينا أساتذة وإداريين وطلبة بالمدرسة العليا للأساتذة لأسرتك الصغيرة وإخوانك وأخواتك وكل محبيك وهم كثر. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

وقد تعاقب على المنصبة رؤساء الشعب بالمدرسة العليا للأساتذة الذين عبروا كلهم عن الخسارة التي خلفتها وفاة الأستاذ محمد مساعد وأشادوا بأخلاقه الإنسانية والتربوية الكبيرة ومكانته المتميزة في البحث الفلسفي ولا سيما المرتبط منه بالفلسفة الإسلامية في العرب الإسلامي. ;وفي ختام هذا اللقاء التأبيني ألقى نجل الفقيد كلمة مؤثرة ذكر فيها ببعض مناقب الفقيد في تربية أبنائه ومعاملة أسرته وكل أفراد عائلته وولعه بالبحث والقراءة حتى وهو على فراش المرض، وهي القيم التي نقلها لأنجاله الذين سيرعون الأمانة حفظا لاسمه وذكراه الغالية والمتميزة.

actualite
actualite
actualite
actualite
actualite